منذ الإعلان عن صفقة التبادل بين إسرائيل وحركة حماس، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمطالبات لإطلاق سراح المعتقل الفلسطيني أحمد مناصرة، ضمن الصفقة، نظراً لوضعه الصحي.
ينحدر أحمد المناصرة من بلدة بيت حنينا في القدس الشرقية المحتلة، وفي عام 2015 كان يرافق أحمد، 13 عاما، ابن عمه حسن مناصرة، 15 عاما، في مستوطنة بسغات زئيف في القدس.
وحينها اعتقلته الشرطة الإسرائيلية وأطلقت النار على ابن عمه الذي لقي مصرعه في الحال، ووجهت إليهما الشرطة تهمة طعن إسرائيليين بالمستوطنة. وتنفي أسرة أحمد مناصرة هذه الاتهامات.
وتقول كذلك هيئة الدفاع عن مناصرة إنه وُجّهت إليه تهمة الطعن" بشكلٍ غير مباشر".
وتلقى أحمد مناصرة العلاج من إصابته، وبعيدها خضع للتحقيق، الذي قال حقوقيون إنه كان قاسياً للغاية، وقد سُرّب تسجيل مصور على وسائل التواصل الاجتماعي لخضوعه للتحقيق، حيث يبدو المناصرة منهاراً في التسجيل، بينما يقول إنّه لا يتذكر أي شيء.
ويقول قدورة فارس، رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، لبي بي سي نيوز عربي إنّ اسم أحمد مناصرة لم يُدرج ضمن أيّ صفقة تبادلٍ بين إسرائيل وحماس لأن عمره الآن 21 عاماً، على الرغم من أنّه اعتقل طفلاً، حيث تنص الصفقة بإطلاق سراح الأشبال المعتقلين تحت سن ال18.
وتابع فارس في حديثه لبي بي سي "للأسف الشديد، هذه ليست صفقة تبادل أسرى بالمعنى الشامل للكلمة... المفاوضات جرت تحت النار في ظل حرب ولذلك لم يكن التوقف عند التفاصيل أمرآً ممكناً، ونأمل ألا تكون هذه الصفقة الأخيرة".
استمرار الهجمات في القدس رغم الاجراءات الأمنية الاسرائيلية
من هم الرهائن الإسرائيليون المفرج عنهم؟
"وضع نفسي منهار "
وحذّر قدورة فارس، رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين من انهيار الوضع النفسي للمعتقل الفلسطيني أحمد مناصرة، قائلاً إنه في "كل مرة يلتقيه المحامي يجده في وضع نفسيٍ أصعب من المرة التي سبقها".
وقد تحدثنا إلى المحامي، خالد زبارقة من هيئة الدفاع عن أحمد مناصرة، للوقوف على حالته الصحية، وقال زبارقة "دخل أحمد المناصرة السجن في سن الـ13 وأُصيب بمرضٍ نفسيٍ أثّر على صحته النفسية بشكل كبير وبسبب ظروف السجن تفاقمت حالته الصحية، بشكل كبير".
وأضاف: "يجب أن يكون أحمد مناصرة على رأس المفرج عنهم في أي صفقة نظراً لما عاناه داخل السجون الإسرائيلية".
كما تقول ناريمان شحادة زعبي، من مركز عدالة للحقوق، وهي من هيئة الدفاع عن أحمد المناصرة لبي بي سي "آخر مرة التقيناه (مناصرة) كان وضعه الصحي صعباً جداً وهناك قلقٌ كبيرٌ على حالته الصحية".
وتقول شحادة إنّ فريق الدفاع عن أحمد فقد الاتصال معه بشكلٍ كاملٍ منذ بداية الحرب، مُضيفةً "ليس لدينا أي علم الآن بوضعه الصحي".
ومع بداية الحرب على غزة كان مناصرة متواجداً في عيادة الرملة وهو المستشفى التابع لمصلحة السجون الإسرائيلية ، وبحسب زعبي حاول محاموه زيارته، منذ ذلك الحين، لكنّ مسؤولي السجن رفضوا ذلك، لأن هناك حالة طوارىء.
وقد أعلن مجلس الوزراء الإسرائيلي في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، رسميا حالة الحرب في البلاد جراء هجوم مباغت شنته حركة حماس جنوب إسرائيل، أدى إلى مقتل 1200 شخص بحسب التقارير الرسمية الإسرائيلية.
عامان في العزل الانفرادي
ويقول محامو مناصرة إنّه في العزل الانفرادي منذ نوفمبر/ تشرين الأول عام 2021، بسبب تصادمٍ بينه وبين أشخاصٍ في السجن، الأمر الذي فاقم وضعه الصحيّ والنفسيّ.
وقد طالبت منظمة العفو الدولية، العام الماضي، السلطات الإسرائيلية بالإفراج الفوري عن أحمد مناصرة، وقالت المنظمة حينها إنّ طبيبةً إسرائيليةً مُستقلة تعمل في منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل"، شخّصت حالة مناصرة وقالت إنه يعاني من مشكلات حادة.
وقد تواصلنا مع مؤسسة "أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل" للوقوف على مستجدات وضع مناصرة الصحي، لكنّ المؤسسة قالت إنَها لن تُدلي في الوقت الحالي بتصريحاتٍ عن حالته الصحيّة لأيٍ من وسائل الإعلام، احتراماً لخصوصيته.
وظهر أحمد مناصرة، العام الماضي، عبر شاشة "تلفزيون فلسطين" بينما كان محاميه خالد زبارقة، يحاول التحدث معه أثناء المحاكمة، وحينها قال السجين الفلسطيني إنّ الوضع في العزل الانفرادي "صعب".
كما تواصلت بي بي سي نيوز عربي مع صالح مناصرة، والد أحمد، لكنه أعرب عن رغبته في عدم التحدث عن وضع ابنه الصحي.
وتقول ناريمان زعبي من هيئة الدفاع عن أحمد المناصرة إنّ موكلها لم يتمكن من استكمال تعليمه داخل السجن على الرغم من أن إسرائيل سمحت لبعض المعتقلين بذلك، وتوضح أنه كانت هناك تضييقات لحصوله على أي حقوقٍ في السجن لكونه في العزل الانفرادي.
لكن كانت هناك إمكانية قبل العزل الانفرادي لحصول مناصرة على بعض الكتب، غير أنّ "مصلحة السجون رفضت إدخال قسم من الكتب التي طلبها أحمدا" بالإضافة إلى بعض الكتب التعليمية.
وقد تواصلت بي بي سي مع مسؤولٍ في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بينيامين نتنياهو عما إذا كان سيكون هناك استثناءات للإفراج عن بعض المعتقلين، بسبب وضعهم الصحي والنفسي كأحمد مناصرة، أثناء صفقات التبادل الحالي، لكنه قال إنه لن يعلق.
كما تواصلنا كذلك مع مصلحة السجون الإسرائيلية، لكننا لم نتلقَ أي رد حتى نشر هذا التقرير.
قانون مكافحة الإرهاب الإسرائيلي
ووفقاً لهيئة الدفاع عن مناصرة فإنه مدانٌ بتهمة محاولة القتل وحُكم عليه بالسجن 12 سنة، ليخفف الحكم من قبل المحكمة العليا في بئر سبع إلى تسع سنوات ونصف السنة.
وتقول المحامية ناريمان زعبي إنّ هيئة الدفاع قدمت طلباتٍ للإفراج المبكر عن أحمد مناصرة، بسبب وضعه الصحي، لكنها كلها قوبلت بالرفض "بسب اتهامه بالقيام بعمل يحاسب عليه قانونياً بموجب قانون مكافحة الإرهاب الإسرائيلي، وفقاً للتعديل الذي أجري عليه عام 2018".
إذ تقول السلطات الإسرائيلية إن التهمة التي حُكم على أحمد مناصرة بارتكابها تشكل عملاً إرهابياً، مما يجعله غير مؤهلٍ للإفراج المبكر بموجب قانون مكافحة الإرهاب، وتختم زعبي حديثها لبي بي سي، قائلة إنه بموجب هذا القانون" تصبح إمكانية الخروج ( المبكر) من السجن معدومة".